بظهور فكرة الدولة ونضوج فكرة السلطة منع الأفراد من استيفاء حقوقهم، وهذا ما أوجب على الدولة أن تكفل حق التقاضي الذي من مقتضياته سريان ولاية القضاة على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية. لذا فقد نصت المادة (29) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 على أن (تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثني بنص خاص). وقد تكرر نص هذه المادة في المادة الثالثة من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979.
وهذا يعني أن ولاية القضاء تضمن الحماية القضائية لكل من يطلبها في قبول دعواه على أي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص بما في ذلك الحكومة لأنها بالتأكيد شخص معنوي عام، فمهمة القضاء النظر في أمر انطباق القانون على الوقائع محل النزاع وهذا يترتب عليه أنه لا يجوز للقاضي الامتناع عن قبول الدعوى ونظرها وإصدار حكم فيها وهذا ما نصت عليه المادة (30) من قانون المرافعات المدنية العراقي التي جاء فيها (لا يجوز لأية محكمة أن تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون أو فقدان النص أو نقصه وإلا عد القاضي ممتنع عن إحقاق الحق، ويعد أيضًا التأخير غير المشروع عن إصدار الحكم امتناعًا عن إحقاق الحق).
ومن المعلوم أن النص إذا كان غامضًا فيصار إلى وسائل التفسير، وليس إلى الامتناع عن تطبيقه لأن الامتناع عن تطبيق القانون يعتبر إلغاء له، وهذا الإلغاء لا يدخل ضمن سلطة المحكمة التي تقتصر على تطبيق القانون, أما في حالة فقدان النص فيصار إلى تطبيق المادة الأولى من القانون المدني كمصدر مساعد للوصول إلى القرار المطلوب, والتي تنص على:
1- تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.
2- فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة.
3- وتسترشد المحاكم في كل ذلك بالأحكام التي أقرها القضاء والفقه في العراق ثم في البلاد الأخرى التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية.