إن الرقابة القضائية تعني إسناد مهمة الرقابة على أعمال الإدارة إلى القضاء, فتباشرها المحاكم على اختلاف أنواعها. والغرض الأساس للرقابة القضائية هو حماية الافراد, وذلك بإلغاء قرارات الإدارة المخالفة للقانون والتي نتج عنها ضرر للأفراد, أو الحكم بالتعويض عن الضرر الذي يصيب الأفراد من جراء سير المرافق العامة أو بفعل العاملين فيها.
فالقضاء يعد من أكثر الأجهزة القادرة على حماية المشروعية, والدفاع عن الحقوق والحريات, إذا ما توافرات له الضمانات الضرورية التي تكفل له الاستقلال في أداء وظيفته. لذلك تمثل هذه الرقابة الضمانة الحقيقية والأكثر فاعلية لكفالة الحقوق والحريات الفردية وإجبار الإدارة على إحترام مبدأ المشروعية.
إن أهم ما يميز الرقابة القضائية عن كل من الرقابتين السياسية والإدارية, فبالنسبة للرقابة الإدارية أنها لا تباشر إلا بناءً على تظلم من الأفراد بصورة دعوى أو طعن يقدم إلى القضاء. فالرقابة الإدارية قد تمارسها الإدارة من تلقاء نفسها لأنها ملزمة بإحترام قواعد المشروعية في نشاطها, بل أن تصحيح ما تقع فيه من أخطاء وتجاوزات يشكل واجبًا عليها, والرئيس الإداري قد يمارس بل ومن واجبه أن يمارس سلطته في الرقابة من تلقاء نفسه دون إنتظار تظلم يرفع إليه من الأفراد. وكذلك الحال بالنسبة للرقابة السياسية فمن حيث الرقابة الشعبية تضطلع الأحزاب والهيئات والنقابات بدورها في توجيه الرأي العام وتنويره بمدى إلتزام السلطة الإدارية بحدود القانون وإحترام الحقوق والحريات الفردية دون طلب من أحد, أما من حيث الرقابة البرلمانية فالبرلمان يباشر دوره الرقابي ومحاسبة الحكومة بتوجيه الأسئلة والاستجوابات إليها وإجراء التحقيق معها من تلقاء نفسه, استعمالاً لحقوقه واختصاصاته الدستورية دون أن يطلب منه ذلك.
أما الرقابة القضائية فهي لا تحرك من تلقاء نفسها, فالقضاء لا يباشر رقابته على أعمال الإدارة إلا عن طريق دعوى ترفع إليه أو دفع يقدم إليه من قبل ذوي الشأن, وتأخذ الرقابة القضائية ثلاثة مظاهر وهي (قضاء الإلغاء, قضاء التعويض, قضاء التأديب), فضلاً عن قضاء فحص المشروعية.