منذ أن خلق الله الإنسان, كان العدل وسيبقى محور حياته, وجوهر شرائعه, وسياج أمنه المنيع. كذلك كان وسيبقى رائدًا لقافلة الحياة على طريق الرخاء والتقدم. فالعدل يفوق في نظر من يعي الحياة ودوره فيها الحياة ذاتها. على أن الحق الذي لا مرية فيه أنه ليس عدلاً بحال الذي يأتي بعد الأوان, فإن فعل ذلك فهو إلى الظلم أدنى وبه أشبه. فلا يكفي أن يصدر القرار القضائي عادلاً فحسب, بل يجب أن يصدر في وقته المناسب, فعامل الزمن له أهميته في نطاق تحقيق العدل.
وفي هذا الصدد يقول السيد الرئيس صدام حسين: (لا يكفي أن نقول الحق فقط, لكي نقول الحق ويكون الحق مفيدًا ومؤثرًا وحاسمًا ينبغي أن ننطق بالحق في وقته المطلوب, إذا ما جاء قول الحق في غير وقته فنكون عمليًا قد خسرنا من جوهر العدالة الكثير, هذا مهم في القانون ومهم في السياسىة ومهم في كل حركة من حركتنا الإجتماعية). ثم اضاف سيادته قائلاً: (... نريد أناسًا هاجسهم المركزي كيف يكونوا عادلين...). فإدراك العدالة واستحضارها على هذا النحو في مجمل أوجه النشاط البشري والتزام واجب التنفيذ تحت طائلة الحساب مؤشر أمين على درجة حضارة متقدمة.
كما اشار سيادته إلى السلبيات التي يمكن أن تترتب على النقص في تحقيق العدل فقال: (إن النقص في عدالتنا نقص في النمط الذي يؤخر المسيرة كلها ولا يؤخر الازدهار في القضاء أو في القانون فحسب وإنما يؤخر الحياة لأنه يخلق عدم الرضا, وعدم الرضا لا يستقيم معه النهوض الحضاري والبناء العادل).
ولا ريب أن شعور الشخص بالعدل يرضي نوازع الخير فيه ويطمس من نوازع الشر, فيكون ذلك دافعًا لمزيد من إلاخلاص والتفاني لخدمة وبناء المجتمع, والعكس يصح, كذلك ليس عدلاً بحال الذي يرهق كاهل المستجير به, المتطلع إليه بثمن غلل, يبذله مذعنًا من جهد أو مال. فالعدل الذي هو حق لكل مواطن لا يمكن أن يكون سلعة غالية أو بعيدة المنال عليه وسيله لاستغلاله أو أسلوبًا لضياع حقه.
ويعتمد تحقيق العدل الناجز على توخي مبدأ الاقتصاد في الإجراءات القضائية, بمعنى أن تجري وتتم كل الإجراءات القضائية بأقصر وقت واقل جهد واقل نفقات مالية.