هذه الرقابة قد يباشرها أفراد الشعب في الدولة مباشرة أو عبر هيئاتهم ومنظماتهم وأحزابهم، وهو ما يعرف بالرقابة الشعبية، وقد تباشرها المجالس التشريعية النيابية وهو ما يعرف بالرقابة البرلمانية.
الرقابة الشعبية ويقصد بالرقابة الشعبية، الرقابة التي يباشرها المواطنون على أجهزة الإدارة ومرافقها المختلفة بوساطة تعاملهم معها واتصالهم بها، أو عن طريق مباشرتهم لحقوقهم السياسية في إختيار كوادرها واعضائها أو في تقويم أعمالها، أو عن طريق التنظيمات السياسية والنقابية التي ينتمون إليها كالأحزاب السياسية وجماعات المصالح (الضغط) والنقابات والاتحادات ونحوها والتي تشكل الرأي العام في الدولة ويقف الاستفتاء الشعبي في مقدمة الوسائل التي يباشر بوساطتها أفراد الشعب السياسي الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. والاستفتاء هو عرض مسألة ما على هيئة الناخبين لأخذ رأيهم بشأنها عن طريق التصويت. وفي هذا يخلف الإستفتاء عن (الإنتخاب) الذي يجري بهدف إختيار الناخبين لشخص أو أكتر من بين عدد المرشحين لتمثيلهم في حكم البلاد.
وقد يكون الاستفتاء شخصي كأن يجري التصويت على شخص معين مثل إستفتاء الموافقة على رئيس الجمهورية إذا كان المرشح الوحيد لهذا المنصب، وقد يكون الإستفتاء موضوعي كأن يجري على تصرف أو عمل أو إقتراح معين مثل الإستفتاء على قانون أو معاهدة، ويكون في هذه الحالة بمثابة أسلوب للرقابة على هذا التصرف أو العمل أو الاقتراح، ومع ذلك فقد يكون هذا الإستفتاء في حقيقة الأمر إستفتاءً شخصيًا يخص صاحب التصرف أو العمل، فإذا أبدى الشعب موافقته، فإن ذلك يعد منحًا للثقة في صاحب التصرف أو العمل، أما إذا كانت نتيجة الإستفتاء هي الرفض، فأن هذا الرفض يعني حجب الثقة عن صاحب التصرف أو العمل.
وأهم الجهات التي تتولى رقاية الرأي العام، هي الأحزاب السياسية إلى جانب الصحافة ووسائل التعبير ذلك لأنها هي التي تشكل الرأي العام وتمثله فالأحزاب السياسية إحدى أهم مظاهر الحياة الديمقراطية، فالديمقراطية لا تستقيم بغير حرية التفكير وحرية الرأي، بل أن هناك من يرى إن الأحزاب السياسية هي أساس الديمقراطية. فهي التي تشارك في ممارسة السلطة أو في التأثير على من يمارسون تلك السلطة سواء أكان بطريق مباشر أم غير مباشر.
وتضطلع الصحافة ووسائل التعبير الأخرى بدور مؤثر وفعال في الرقابة الشعبية على ما يباشره الجهاز الإداري من نشاط أو على ما يقدمه من خدمات، وذلك بوساطة توضيح اتجاهات الرأي العام إلى السلطات المعنية في الدولة، ومراقبة ردود الفعل إزاء تصرفات تلك السلطات، نظرًا لقدرتها على التعبير المستمر والدائم عن احتياجات الرأي العام وتحديد اتجاهاته. على أن الرقابة الشعبية على أهميتها، وبالرغم مما للرأي العام من قوة وتأثير في عمل سلطات الدولة والإدارة خصوصًا إلا أن نجاح هذه الرقابة مرهون بدرجة الوعي والنضج التي يتمتع بها الرأي العام التي تمكنه ليس فقط من معرفة حقوقه وحرياته فحسب، وإنما تمنحه أيضًا القدرة على المطالبة بها والدفاع عنها. وقبل ذلك كله فإن هذا النوع من الرقابة لا يمكن تصوره في ظل نظم الحكم الديكتاتورية والاستبدادية، فوجود الرقابة الشعبية مرتبط بقيام نظام سياسي ديمقراطي يؤمن بحقوق الأفراد وحرياتهم، ويعترف للأحزاب السياسية بما فيها أحزاب المعارضة والمنظمات المدنية ووسائل الإعلام المختلفة بدورها في صياغة الحياة السياسية وتوجيه الرأي العام.