وهي الرقابة التي تمارسها المجالس النيابية البرلمانية باعتبارها المعبرة عن الإرادة العامة للشعب، وأهدافه وطموحاته، و من ثم فلها أن تراقب السياسات والبرامج والوسائل التي تتبناها الإدارة و تعتمدها لتحقيق هذه الأهداف وتلك الطموحات. وقد يباشر البرلمان هذه الرقابة بنفسه وهو الغالب، وقد يباشرها عن طريق مندوب يمثله يطلق عليه المحامي أو المفوض أو الوسيط البرلماني (الأمبودسمان) ينوب عن البرلمان في مراقبة الجهاز الإداري والتحقق من مشروعية عمل الإدارة وسلامة تطبيق القانون، و عدم استغلال السلطة أو الانحراف بها، وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من تعسف الحكومة وأول من أوجد هذا النظام هو الدستور السويدي لسنة ۱۸۰۹، ثم عرف طريقه إلى الدول الاسكندينافية الأخرى.
ويختلف مدى الرقابة التي يباشرها البرلمان باختلاف النظام الدستوري الذي تأخذ به الدولة، لكن الرقابة البرلمانية تبرز عادة في الدول ذات النظام السياسي النيابي، بخلاف النظام الرئاسي، لأن من عناصر النظام النيابي وجود حكومة مسؤولة أمام البرلمان، ووجود علاقة رقابة متبادلة بين البرلمان والحكومة، تتمثل في سلطة الحكومة في حل البرلمان، وسلسلة البرلمان في حجب الثقة عن الحكومة. فالحكومة ووزراؤها في النظام البرلماني مسؤولون سياسيًا أمام البرلمان، وعن طريق هذه المسؤولية، يراقب البرلمان أعمال كل وزارة والمصالح التابعة لها.
على الرغم من الدور المتواضع والمحدود للرقابة البرلمانية في دول النظام الرئاسي إلا أننا يمكن أن نتلمس بعض الصور المهمة لها في بعض هذه الأنظمة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الأب الروحي للنظام الرئاسي يعلق ترشيح الرئيس لتعيين كبار الموظفين على مصادقة مجلس الشيوخ، كما أن الاختصاص بإبرام المعاهدات وإن كان يدخل في اختصاص رئيس الدولة إلا أنه اختصاص مقيد بمشورة مجلس الشيوخ ومن ثم موافقة المجلس أو تصديقه بأغلبية ثلثي الحاضرين، إضافة إلى مسؤولية أعضاء السلطة التنفيذية جنائيًا أمام البرلمان.
ومظاهر هذه الرقابة متعددة ومنها، سلطة البرلمان في إقرار الموازنة العامة أو الإعتمادات المالية التي تخصص لنشاط الجهاز التنفيذي في سنة الميزانية، وتوجيه الأسئلة إلى الوزراء، واستجوابهم، والتحقيق بواسطة لجان معينة، وسحب الثقة من الوزير أو من الوزارة كلها.
وبالرغم مما للرقابة البرلمانية من أهمية وخطورة لاسيما في الأنظمة البرلمانية إلا أنها ذات طابع سیاسي فلا يصل أثرها إلى حد إلغاء العمل المخالف للقانون أو تعويض الضرر الناجم عنه مما يجعلها قاصرة عن حماية مبدأ المشروعية والدفاع عن حقوق الأفراد وحرياتهم من استبداد الإدارة. كما أن الاعتبارات الحزبية كثيرًا ما تؤدي إلى تعطيلها لاسيما حينما تكون الوزارة ممثلة للأغلبية البرلمانية فيصبح بقاؤها مرتبط بمصلحة هذه الأغلبية، وقد يسعى البرلمان إلى إضفاء ثوب المشروعية على انحرافات الإدارة حتى لا يحرجها أمام الرأي العام، ويحول دون حجب الثقة عنها. وأخيرًا فإن فاعلية هذه الرقابة لا تظهر إلا في الأنظمة السياسية النيابية البرلمانية، فهي في دول الأنظمة الأخرى تبدو هشة وضعيفة.