يقصد بمبدأ المشروعية هو مبدأ الخضوع للقانون. ولما كانت الدولة الحديث دولة قانونية فهو يعني خضوع الجميع حكامًا ومحكومين للقانون، ومن ثم فإن نطاق تطبيق القانون يشمل جميع السلطات الحاكمة في الدولة فكل السلطات العامة تخضع للقانون وتلتزم بحدوده.
ولا يقصد بالقانون بمعناه الضيق المتمثل بالقواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية، فحسب بل يقصد بالقانون بمعناه الواسع الذي يشمل كل قواعد القانون الوضعي القائم في الدولة. وينظم القانون أوضاع ووسائل رقابة كل من هذه السلطات وهي بصدد مباشرتها لوظيفتها بما يضمن خضوعها للقانون ونزولها عند حكمه.
لذا فإن المقصود بمبدأ المشروعية في نطاق القضاء الإداري؛ هو خضوع الإدارة للقانون وتصرفها وفقًا لأحكامه. وقد انقسم الفقه بشأن مدلول خضوع الإدارة للقانون، فذهب البعض إلى أن مؤداه هو عدم جواز أن تأتي الإدارة عملاً مخالفًا القانون. فيما يفسر البعض الآخر من الفقه بأنه خضوع الإدارة للقانون بضرورة استنادها في كل ما تأتيه من أعمال إلى أساس من القانون، فلا يكفي أن يكون عمل الإدارة غير مخالف للقانون، بل يجب أن يستند إلى قاعدة قانونية تجيزه حتي يكون مشروعًا. ويذهب رأي ثالث في الفقه إلى أبعد من ذلك، إذ يقرر أن أعمال الإدارة لا تكون مشروعة إلا إذا كانت مجرد تنفيذ أو تطبيق لقاعدة تشريعية قائمة من قبل.
والحقيقة أن الرأي الأخير يوسع من مبدأ المشروعية على حساب سلطة الإدارة وحريتها في التصرف، إذ يجعل من الإدارة مجرد أداة صماء مقتصرة في عملها على تنفيذ القانون، ويجردها من كل قدرة على الخلق والإبداع في أدائها لوظائفها. أما الرأيان الأول والثاني فهما يحظيان باتفاق أغلبية الفقه والقضاء، وهما في الواقع غير متعارضين بل يكمل أحدهما الأخر، فحيث يضع الرأي الأول التزاما سلبيا على عاتق الإدارة بعدم مخالفة أحكام القانون، فإن الثاني يضع على عاتقها التزاما إيجابيًا بأن يكون عملها مستندًا إلى القانون بصفة عامة أي مستندًا إلى قاعدة قانونية تجيزه سواء كانت تلك القاعدة قاعدة مكتوبة أم قاعدة عرفية أم مبدأ قانونيًا عامًا.