خيار الرؤية هو عبارة عن رخصة تثبت للمشتري الذي إشترى شيئًا لم يره من قبل أو وقت البيع، تخوله أن يأخذه أو يرده متی رآه.
وأختلف فقهاء الشريعة بشأن مدى صحة البيع الوارد على الأشياء المعينة الغائبة. فألإمام مالك والشافعي يعتبرون بيع الغائب باطلًا، فيما يعتبره الحنفية والحنابلة والإمامية صحيحًا وإن للمشتري حق الفسخ بخیار الرؤية. على إن السنة يقصرون هذا الحق على المشتري، بينما يقره الشيعة الإمامية لكل من البائع والمشتري.
وأخذ المشرع العراقي بالرأي الأول (517/1 م مدني)، وسبب ثبوت خیار الرؤية هو عدم العلم بالبيع علمًا کافيًا وقت إبرام العقد أو قبله، ويشترط لثبوته أن يكون عينًا معينة بالذات إذ لا يثبت الخيار في بيع الأشياء المثلية والديون والأثمان الخالصة بالدنانير والدراهم، كما يشترط فيه أن يكون المبيع غائبًا غیر مرئي وقت العقد.
وخيار الرؤية يثبت بحكم القانون، لذلك لا حاجة لإشتراطه في العقد، والمراد بالرؤية هنا الرؤية بمعناها المجازي لا الحقيقي، أي إنه ليس مجرد النظر بل العلم بالبيع علمًا يمنع الجهالة الفاحشة والغرر. فالعلم بالمرئيات بالبصر والطعام بالذوق والروائح بالشم وهكذا. لذلك يصح شراء الأعمى إذا أمكنه الوقوف على حال المبيع عن طريق الوصف أو الشم أو اللمس أو الذوق (517،520 م مدني). وتعتبر رؤية الوكيل بالشراء وبالقبض في حكم رؤية الأصيل. أما رؤية الرسول فلا تسقط الخيار (3521 م مدني).
وإذا كانت الأشياء المبيعة من المثليات و بیعت على نموذج فتكفي رؤية النموذج لتعيين صفات المبيع. والمشتري يكون مخيرًا بين أن يقبل المبيع بالثمن المسمى أو فسخ البيع، إذا لم يكن المبيع مطابقًا للنموذج، وإذا هلك النموذج أو تعيب في يد أحد المتعاقدين ولو دون خطأ منه وجب عليه أن يثبت أن الأشياء كانت مطابقة للنموذج أو غير مطابقة له حسب الأحوال (518 م مدني). ويعتبر خيار الرؤية في الشريعة الإسلامية شرطًا للزوم البيع لا لصحته، فالعقد ينعقد ولكنه غير ملزم للمشتري طالما كان الخيار باقيًا، لذلك له الرجوع عن البيع أو فسخه بعد الرؤية أو إمضائه. أما البائع فيلزم بالعقد وليس له الخيار. وحق الخيار لا يثبت إلا بالرؤية لذلك لا يصح تنازل المشتري عنه قبل الرؤية، لذلك فحق المشتري في رد المبيع لا يسقط ولو أجاز قبل الرؤية بل بیقی قائمًا.
ويعتبر المشرع العراقي هذا الحق مؤقتًا حيث قرر بأنه ينقضي بمضي وقت كاف يمكن المشترى من رؤية الشيء دون أن يراه. وتقدير هذا الوقت متروك للقضاء حسب ظروف وملابسات كل قضية (522، 523 م مدني). وكان الأولى بالمشرع أن يحدد مدة معينة يسقط بمضيها خيار الرؤية لضمان إستقرار المعاملات وعدم ترك البائع تحت رحمة المشتري مدة طويلة. إلا أن المشرع منح البائع وسيلة لتلافي المحذور المذكور بموجبها له تحديد أجل مناسب للمشتري يسقط الخيار بإنقضائه إذا لم يرد البيع خلاله (523 م مدني).
2. إقرار المشتري في عقد البيع بأنه قد رأی المبيع وقبله بحالته إلا إذا اثبت أن البائع قد غرر به.
3. وصف الشيء في العقد وصفًا يقوم مقام الرؤية بشرط أن يظهر المبيع مطابقًا لهذا الوصف.
4. موت المشتري، لأن خيار الرؤية حق لا ينتقل بالميراث ولا يجوز للورثة إستعماله.
5. تصرف المشترى بالمبيع قبل الرؤية، وقد أختلف الفقهاء بشأن التصرفات التي تسقط خيار الرؤية. إلا أن الرأي الراجح يذهب إلى سقوطه بتصرف المشتري في المبيع قبل الرؤية تصرفًا يوجب حقًا للغير عليه، إذ يتعذر فسخ مثل هذه التصرفات وعندئذ لا يكون للخيار فائدة فيسقط.
6. تعيب المبيع أو هلاکه بعد القبض وذلك لإستحالة رده، كذلك الحكم إذا أصبح المبيع في حالة لا يمكن رده كما لو كان قمحًا فطحنه المشتري.
7. صدور ما يبطل الخيار قولًا أو فعلًا من المشتري قبل الرؤية أو بعدها كما لو صدر منه ما يدل على الرضا بالمبيع صراحًة أو ضمنًا، سواء كان ذلك قبل الرؤية أو بعدها.
8. مضي المدة، لأن الخیار حق مؤقت ينقضي بمضي المدة المناسبة أو بمضي الوقت الذي يحدده البائع دون أن يرد المبيع خلاله.
إلا أن الفقه مختلف حول مدې ضرورة النص على أحكام خيار الرؤية. إلا أن الرأي الراجح يرى أن القواعد العامة في الغلط لا تحقق للمشتري ما يحققه له خیار الرؤية، فخيار الرؤية وإن كان يقوم على أساس فكرة الغلط إلا إنه يعطي للمشتري الحق في رد المبيع ولو لم يكن هناك غلط في صفة جوهرية في المبيع . كما أن الغلط في خيار الرؤية هو غلط مفترض، إذ يكفي إدعاء المشتري حتى يصدق بقوله، بينما ينبغي على من يدعي الغلط في الفقه الحديث إثباته، وإضافة لذلك فإن خيار الرؤية لا يؤثر على صحة الحق ونفاذه إلا إنه غير لازم للمشتري حيت له فسخ العقد أو قبوله، بينما يجعل الغلط في صفة جوهرية للمبيع العقد موقوفًا.