* هل يجوز زواج المسلم من الكتابية؟، وهل يمكن زواج المسلمة من كتابي؟
الجواب نعم يجوز زواج المسلم من كتابية، أما العكس فلا يجوز زواج المسلمة من كتابي. وقد صرحت بذلك المادة (17) من قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ (يصح للمسلم أن يتزوج كتابية ولا يصح زواج المسلمة من غير المسلم).
والمقصود بالكتابية هي المرأة التي تؤمن بنبي، وبما أنزله الله عليه بالكتاب ولها دين سماوي من غير المسلمين كالمسيحية واليهودية، وبناء عليه لا يجوز للمسلم أن يتزوج المرأة التي لا تؤمن بنبي ولا تؤمن بكتاب منزل، کالمشركة، والوثنية، والبوذية، والمجوسية التي تعبد النار.
ان الدليل على جواز نكاح الكتابية قوله تعالى :
(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
والأولى عدم الزواج من الكتابيات إلا لمصلحة، لأنه يخشى على أولادها أن يقلدوها ويتأثروا بها في عقيدتهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهي عن الزواج من الكتابيات. واتفق الأئمة الأربعة على أن للمسلم أن يتزوج الكتابية، ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كتابي، واختلفوا في زواج المسلم من كتابية فبعضهم قال: لا يجوز دواما وانقطاعا، واستدلوا بقوله تعالى : (َوالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، ومهما يكن، فإن الكثيرين من فقهاء الإمامية في هذا العصر يجيزون تزويج الكتابية دواما، والمحاكم الشرعية الجعفرية في لبنان تزوج المسلم من الكتابية وتسجيل الزواج وترتب عليه جميع الآثار وكذلك الحال في العراق، فإن محاكم الأحوال الشخصية تعقد زواج المسلم من الكتابية على الدوام والتأبيد حيث أن الزواج المنقطع يكون باطلا في ظل أحكام قانون الأحوال الشخصية رقم 188لسنة 1959.
* الفرق بين زواج المسلم من المسلمة وزواجه من الكتابية
هناك مسألتان
· الأولى : أنه يشترط الإسلام في شهود عقد زواج المسلم من المسلمة، أما عند زواجه من الكتابية فيجوز شهادة كتابيين ولو كان على غير دين الزوجة. أما في الشهادة لإثبات الزوجية عند القاضي فلا تقبل شهادة أهل دينها لها ولا تقبل عليها.
· الثانية : أن التوارث يكون بين الزوجين المسلمين، ولا توارث بين المسلم والكتابية لأن اختلاف الدين من موانع الإرث، ومن أباح من الجعفرية نكاح الكتابيات يقول إن الزوج المسلم يرث زوجته الكتابية ولا عكس.
وقد قضت محكة التمييز في قرار لها فقالت: بأن المسلم يرث مورثه غير المسلم ولا يجوز العكس. کما وقضت أيضا بأنه (إذا أسلم الزوج غير المسلم فإن الزوجية تبقى مستمرة ويترتب عليه دفع مهر المثل لزوجته في حالة عدم تسليمه مهرا مسمى لها عند العقد). وقد ذهبت محكمة التمييز إلى اعتبار زواج المسلمة من غير المسلم باطل، کما جاء بقرارها المرقم 3/ 1982 في 24/1/1982 (أن زواج المرأة من رجل كتابي باطل وينبع أولادها القاصرين دين أمهم الإسلام الذي يمتنع عليها تبديله کما يمتنع على الأولاد الرجوع عنه عند البلوغ).
* اعتناق الإسلام وأثره على الأولاد القاصرين
إن الشريعة الإسلامية تجيز لغير المسلمين تبديل دينهم إلى الدين الإسلامي باعتباره خير الأديان وأقومها، وبالعكس تمنع على المسلمين تغییر دينهم إلى غير الإسلام مهما كانت الأسباب، ويعتبر الشخص الذي يغير دينه إلى خارج الإسلام مرتدًا وتكون عقوبته القتل باتفاق الفقهاء المسلمين لأن دين الدولة هو الإسلام. وقد صرحت بذلك الفقرة (2) من المادة (20) من قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 على أنه «يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا لأحكام هذا القانون» ويقع تبديل الدين في المحكمة الشرعية أو محكمة المواد الشخصية كل حسب اختصاصها ويمكن تبديل الاسم المجرد من قبلها إذا اقترن تبديل الدين ولا يخضع تبديل الاسم في هذه الحالة لإجراءات النشر المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة وينفذ القرار والحجة الشرعية الصادرة بهذا الشأن في السجل المدني. كما نصت الفقرة (3) من المادة (21) على أنه «يتبع الأولاد القاصرين في الدين من اعتنق الدين الإسلامي من الأبوين». وبعد إصدار حجة إشهار الإسلام ترسل نسخة من هذه الحجة بواسطة المحكمة إلى دائرة الأحوال المدنية / السجل المدني / لهذا الشخص وذلك لتأشير إشهار إسلامه وتأشير إسلام أولاده القاصرين تبعا له وتبديل اسمه إذا طلب الشخص ذكرا كان أم انثی تبديل اسمه تبعا لدينه الجديد وذلك انسجاما مع الأسماء المتعارف عليها عند المسلمين كتبديل اسم ماري إلى مريم.
* حق اختيار الدين الأول للقاصرين الذين أصبحوا مسلمين تبعا لإسلام أحد والديهم
إن الحكم الشرعي المتبع عندنا في العراق هو أنه أسلام الأولاد القاصرين تبعا إلى إسلام أبيهم أو أمهم وبلغوا سن الرشد القانوني (18 سنة) فإنه يحق لهم العودة إلى دينهم السابق الذي كانوا عليه قبل إسلام أبيهم أو أمهم إذا رغبوا في ذلك. وفي هذه الحالة يجب أن تقام دعوى اختيار الدين أمام محكمة الأحوال الشخصية المختصة على مدير الأحوال المدنية العام.
ولهذا فيكون من حق الصغير الذي تغير دينه إلى مسلم تبعا لإسلام أحد أبويه ويريد العودة إلى دينه السابق (مسيحي، يهودي، صابئي) حق إقامة الدعوى على دائرة الأحوال المدنية خلال مدة سنة من سن الرشد لتغير قيده في سجلاتها.
وعليه فإن الخصم القانوني في مثل هذه الدعاوى هو مدير الجنسية والأحوال المدنية العام إضافة لوظيفته.
غير ان هناك توجيه من رئاسة ديوان الرئاسة بكتابها المرقم ب/ 33963/ 9 والمؤرخ في 1988/9/25 يتضمن إعطاء الحق للقاصرين الذين تم تغيير دينهم إلى مسلم تبعا لإسلام أحد أبويهم ويريدون العودة إلى الدين المسيحي حق إقامة الدعوى على مديرية الأحوال المدنية العامة خلال سنة من تاريخ بلوغهم سن الرشد. والجدير بالملاحظة أن الأشخاص الذين يعنيهم الأمر يجب أن يبادروا خلال سنة من تأريخ بلوغهم سن الرشد القانوني بإقامة الدعوى باختيار دينه السابق لكيلا يفوتوا على أنفسهم حقا منحه لهم القانون إذ أن التراخي في المطالبة أمام المحكمة سيسقط حقهم بعد مرور سنة على بلوغهم سن الرشد.
وهذا ما استقر عليه القضاء العراقي وعلى رأسه قضاء محكمة التمييز في العديد من قراراتها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي
- رقم القرار 415 / هيئة موسعة / 82-83
التاريخ 84/1/21
منشور في مجموعة المبادئ القانونية في قضاء محكمة التميز/ قسم الأحوال ص 146
(إذا كان المدعي قد أسلم تبعا لإسلام أبيه حين كان قاصرا وعندما بلغ عاقلا رشيدا اختار البقاء على دينه السابق وراجع محكمة الأحوال الشخصية واستحصل على حجة بذلك وطلب في دعواه تصحيح سجلات الأحوال المدنية الخاصة ب).
"رجعت عنه محكمة التمييز".
- رقم القرار 17/ لمصلحة القانون / 87-88
تاريخ القرار 1/ 12/1987.
مجموعة الأحكام العدلية العدد الرابع لسنة 1987 ص 89.
(اختيار الدين يسقط حق اختيار الدين لمن أسلم تبعا لإسلام والده بالعودة إلى ديانته السابقة إذا تراخي في استعمال حقه أمام المحكمة المختصة، بعد بلوغه سن الرشد القانونية).
* الشروط الواجب توفرها بطلب العودة إلى اختيار الديانة السابقة
1- العقل والاختيار وبلوغ سن الرشد القانوني (18سنة كاملة) عملا بأحكام المادة (106) من القانون المدني.
2- ألا يكون قد راجع دائرة الأحوال المدنية وعلم بمحتويات قيده في السجل المدني.
3- يجب رفع الدعوى بالعودة إلى الدين السابق خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد القانوني (من 18 إلى 19 سنة).
4- لا يجوز إقامة الدعوى قبل بلوغه سن الرشد القانوني وإلا تكون الدعوى واجبة الرد شکلاً، لأن حق الاختيار في مثل هذه الحالة لا يقبل إلا ممن قد بلغ سن الرشد.
5- التراخي في إقامة الدعوى إلى أكثر من 19 سنة يؤدي إلى سقوط حق المدعي في العودة إلى الديانة السابقة. نظرا للتراخي في استعماله أمام المحكمة المختصة ضمن المدة المقررة.
6- تكون محكمة الأحوال الشخصية هي المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى کما قضت بذلك محكمة التمييز عند تعيين الاختصاص بقرارها المرقم 26/ موسعة أولى /89 والمؤرخ في 7 / 2/ 1989 القاضي باعتبار محكمة الأحوال الشخصية هي المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى. وليس محكمة الأحوال المدنية الخاصة بقضايا النفوس.
7- تكون الأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية خاضعة للطعن فيها لدى محكمة التمييز خلال مدة عشرة أيام من اليوم التالي لصدور الحكم من المحكمة وإذا صدقت محكمة التمييز الحكم المطعون فيه فيكون من حق المميز أن يطلب تصحيح القرار التمييزي خلال سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتبليغ القرار التمييزي (المادة 226) مرافعات.
8- إذا ولد الولد ذكرا كان أو أنثي بعد اعتناق أحد والديه الإسلام وأصبح تبعا لذلك مسلما فلا يحق له الرجوع عن الإسلام.
* نموذج استدعاء دعوى العودة إلى الدين السابق
السيد قاضي محكمة الأحوال الشخصية..........المحترم
المدعي :
المدعى عليهما : 1- والد القاصر/ يسكن
2- مدير الجنسية والأحوال المدنية العامة /إضافة لوظيفته :
جهة الدعوى
إن المدعى عليه..........هو والدي وكان مسيحيا وقد اعتنق الدين الإسلامي وأشهر اسلامه بموجب حجة إشهار الإسلام المرقمة والمؤرخة الصادرة من محكمة الأحوال الشخصية في ......... وذلك عندما کنت قاصرًا. وإن المدعى عليه.......... سجلني في سجلاته مسلمًا تبعا لدين والدي. وحيث إني قد بلغت سن الرشد القانوني وأروم العودة إلى الديانة المسيحية كالسابق لذا أطلب دعوة المدعى عليهما للمرافعة والحكم بتبديل ديني من مسلم إلى مسيحي وتأشير ذلك في سجل الأحوال المدنية في ....... وتحميلهما المصاريف وأتعاب المحاماة. وتقبلوا فائق الشكر والاحترام.
المدعي
الأسباب الثبوتية
1- صورة قيد الأحوال المدنية.
2- حجة أشهار إسلام والدي.
3- سائر البيانات القانونية.
* إيضاح
تقام الدعوى في محكمة محل تسجيل الشخص في السجل المدني التابع له على والده أو والدته الذين أشهروا إسلامهم وعلى مدير الجنسية والأحوال المدنية العامة / إضافة لوظيفته.
* حكم بقاء الزوجية بعد إسلام الزوجين أو أحدهما
نصت المادة الثامنة عشر من قانون الأحوال الشخصية على أنه: (إسلام أحد الزوجين قبل الآخر تابع لأحكام الشرعية في بقاء الزوجية أو التفريق بين الزوجين). تتطرق هذه المادة إلى اختلاف الدين الطارئ على عقد الزواج وجعلت الحكم تابعا لأحكام الشريعة الإسلامية في بقاء الزوجية أو التفريق بين الزوجين عملا بأحكام الفقرة (2) من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية، وهناك ثلاثة احتمالات يمكن أن تطرأ على عقد الزواج بعد انعقاده نجملها بما يلي
أولا : إذا كان الزوجان غير مسلمين فأسلمت المرأة بعد الدخول بها يعرض الإسلام على زوجها فإذا أسلم قبل انقضاء عدتها بقران على نكاحها ما لم تكن المرأة محرمة عليه. وإن أبي الإسلام حتى انقضت عدتها فيفرق بينهما.
ثانيا : إذا أسلم الزوج وكانت امرأته كتابية فالنكاح باق على حاله ما دام زواجهما مما يقره الإسلام لأن زواج المسلم بالكتابية يحل ابتداء فيحل بقاءه. أما إذا كانت غير كتابية أي (مشركة) وقد دخل بها فيعرض الإسلام عليها فإن أسلمت فهي زوجته، وإن أبت الإسلام حتى انقضت عدتها أو أسلمت وكانت محرمة عليه فيفرق القاضي بينهما. أما إذا لم يكن دخل بها وقع التفريق في الحال. ويعتبر التفريق بابا لهما عن الإسلام فسخ لعقد الزواج، وليس طلاقا.
ثالثا : إذا أسلم الزوجان ما بقي النكاح على حاله مالم تكن المرأة محرما له فإن كانت كذلك يفرق القاضي بينهما. ويجب أن يلاحظ أنه في حالة إسلام أحد الزوجين وكان لهما ولد أو أولاد أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام على الآخر أو بعده فإنه يتبع من أسلم منهما باعتباره أفضل الأديان.
ينظر في ذلك المرشد إلى إقامة الدعاوى الشرعية وتطبيقاتها العملية معززة بقرارات محكمة التمييز, المحامي جمعة سعدون الربيعي, المكتبة القانونية - بغداد, شركة العاتك لصناعة الكتاب, القاهرة, الصفحات (46-55).