مناورة واشنطن وطهران تحت مضلة الصراع - والضحية بلاد الرافدين - المرشد القانوني

مناورة واشنطن وطهران تحت مضلة الصراع - والضحية بلاد الرافدين

ان الخلافات ما بين الولايات المتحدة وايران ليست وليدة اللحظة بل يرجع تاريخها الى 40 عاماً مضى والعلاقة بين البلدين لم تكن على ما يرام.

* نظرة حول  العلاقة ما بين البلدين

يتضح أن العداء كان السمة الغالبة على علاقاتهما، وقد بدأ ذلك مع الإطاحة بحكومة محمد مصدق عام 1953 بعد تأميمه الثروة النفطية لإيران. ولا زال الإيرانيون يتذكرون حتى الآن الدور الذي لعبته المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في الإطاحة بحكومة محمد مصدق.
في عام 1957 وقعت الولايات المتحدة وإيران على اتفاقية حول استغلال الطاقة النووية لأغراض سلمية. وبعدها بعشر سنوات، قدمت الولايات المتحدة مفاعلاً نووياً لمركز أبحاث في طهران ووقود المفاعل على شكل يورانيوم مخصب إلى درجة 93 في المئة وهو نفس درجة تخصيب اليورانيوم المستخدم في إنتاج الأسلحة النووية. وفي عام 1968 وقعت إيران على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية وصادقت عليها بعد عامين، شرط السماح لها بالاحتفاظ بالمفاعل واستخدامه لأغراض سلمية.

وبعد الإطاحة بنظام حكم الشاه الذي فر إلى الخارج، وعاد آية الله الخميني من منفاه في فرنسا ليتولى منصب المرشد الأعلى للثورة. وبعدها بفترة قصيرة، اقتحم عشرات الطلاب السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا عشرات الدبلوماسيين والموظفين لمدة 444 يوما، مطالبين بتسليم الشاه لمحاكمته.  بعد هذه الحادثة قطعت الولايات العلاقات الدبلوماسية مع إيران عام 1980، وحجزت الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة وقطعت العلاقات التجارية معها، وحظرت تصدير معظم السلع إليها. وفي نفس العام فشلت محاولة إنقاذ الرهائن الأمريكيين المحتجزين في طهران عندما اصطدمت مروحيتان أمريكيتان ببعضهما أثناء عملية إنزال في صحراء لوط وقتل 8 جنود أمريكيين في الحادث.

لكن إيران اطلقت سراح الرهائن الأمريكيين عام 1981 بعد أيام من استلام الرئيس رونالد ريغان مقاليد الأمور في الولايات المتحدة خلفاً لجيمي كارتر. وبعد مضي عامين صنفت واشنطن إيران في خانة "الدول الراعية للإرهاب" واستمر التصعيد بين البلدين حتى عام 2002 حيث أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش أن العراق وإيران وكوريا الشمالية يشكلون ما سماه بــ "محور الشر" واتهم إيران بامتلاك برنامج سري لإنتاج الأسلحة النووية. وأعلنت جماعة إيرانية معارضة مقيمة في الخارج أن إيران أقامت موقعين لهما علاقة ببرنامجها النووي لم تكشف عنهما وهما "ناتنز" و"آرك".
استمر التصعيد ما بين الطرفين لغاية 23 نوفمبر 2013 بعد وصول حسن روحاني الى منصب رئاسة الجمهورية فبعد اجراء المحادثات السرية بين طهران وواشنطن فتح الطريق أمام ايران للتوصل إلى اتفاقية مؤقتة تحمل اسم "خطة العمل المشترك" وتعرف عالمياً باسم الاتفاق النووي.

* طفرة تاريخية 

 في 26 آذار 2015 قامت ايران بأجراء المفاوضات فعلياً مع الدول الدائمة في مجلس الامن التابع الى الولايات المتحدة وهي كل من  الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - بالإضافة إلى ألمانيا حيث تمت المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية وذلك من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني وايضاً من اجل الغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام. تميزت جولة المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية بكونها بدأت ثم علقت ثم تواصلت ثم مددت بفترة اضافية وبعد انتهاء المفاوضات الايرانية توصلت إيران والدول الست في 2 نيسان 2015 إلى بيان مشترك يتضمن تفاهماً وحلولاً بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، على أن يتم إنجازه نهاية حزيران 2015.
 اعتبرت طهران هذا الاتفاق وضع حداً لحلقة مفرغة لم تكن في مصلحة أحد، فيما واشنطن وصفته بالتاريخي. اما الدول الاخرى فقد تباينت ردودها بشأن هذا القرار فالبعض منها وصفته بأنه تاريخي بينما عارضته دول أخرى واعتبرته خطيرا جداً، فيما تبنت دول أخرى الصمت لحين معرفة المزيد من التفاصيل حول ما تضمنه هذا الاتفاق.

دخلت الخطة حيز التنفيذ في كانون الثاني 2016 تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدى ذلك إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران والمتعلقة بتطوير الطاقة النووية، بما في ذلك العقوبات المتعلقة بالمعاملات المالية والتجارة والطاقة. وكجزء من الاتفاق، تم الإفراج عن عشرات المليارات من الدولارات من أصول إيران المالية المجمدة. إلا أنه من الممكن إعادة فرض العقوبات إذا انتهكت إيران الاتفاق. 

* الانسحاب ..

أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في يوم 8 أيار عام 2018 رسمياً خروج بلاده من الاتفاق النووي مع إيران. قائلا أن هذا ليس اتفاقاً، وأمريكا لا تستطيع تنفيذه أو العمل به. ووصف هذا الاتفاق أنه من جانب واحد وخطير وكان يجب أن لا يحدث. وأن هذا الاتفاق لم يجلب السلام والهدوء ولن يجلب السلام والهدوء. وسنفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران.
اما فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة فهما تأسفا لقرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يؤيد بشكل كامل انسحاب ترامب الجريء من صفقة كارثية إضافة إلى ذلك السعودية المنافس الإقليمي لإيران ايضاً إنها تدعم وترحب بخطوات ترامب نحو الخروج من الصفقة.

* فما علاقة العراق إذ ؟

للجواب على هذا السؤال احب ان اوضح كيف ازداد النفوذ الايراني والامريكي في العراق !
بعد الاطاحة بنظام الحكم السابق "صدام" على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة اصبحت علاقة العراق مع واشنطن علاقة وطيدة الأمر ذاته مع ايران فبعد دعم الاخيرة الى العراق في معركته مع "داعش" عسكرياً اصبح نفوذ ايران اوسع مما كان عليه في السابق واصبحت هناك قوى سياسية تربطهاعلاقة قوية جداُ مع ايران تعرف هذه القوى باسم "محور المقاومة" بالإضافة الى وصول عدد واسع من القادة الموالين لإيران الى السطلة كل هذا ادى الى ازياد النفوذ الايراني في العراق.
لكن اين الخطر على العراق ؟ الخطر يكمن في ان كلا الطرفين كل منهم يضرب مصالح الطرف الاخر داخل الاراضي العراقية ليشكل وسيلة ضغط لتحقيق مصالحهم الشخصية المتمثلة بالاتفاق النووي. واذا ما حللنا موقف الشارع العراقي سنجد أنه يرغب في أن يتوصل الطرفين إلى حلول دبلوماسية في تسوية الخلافات بينهما ورفض زج العراق كأداة لتسوية المنازعات بينهما. فاللهم أحفظ بلدي الحبيب وشعبنا العراقي الصابر.
اهلاً بكم في مدونة المرشد القانوني

نلفت أنظاركم إلى مستودع في غاية الأهمية على منصة التيليجرام علمًا هو متخصص بإرفاق المصادر القانونية من حيث المعاجم والكتب والمجلات والاطاريح والرسائل.

حسناً